تطبيع الإبادة- كيف تعايش العرب مع مأساة فلسطين؟

ظل السؤال الملح الذي يقض مضجعي في الأيام الخوالي: كيف استطعنا نحن العرب أن نعتاد ونتصالح مع هذه الإبادة الجماعية المروعة، التي تجري على قدم وساق منذ ما يربو على تسعة أشهر على أرض فلسطين الغالية؟
التجويع الممنهج البشع، والقتل المتعمد للأطفال والنساء الأبرياء، وقطع الإمدادات الأساسية من الماء والكهرباء، والقصف الهمجي للمستشفيات والمدارس التي تأوي النازحين، والتدمير الشامل للأحياء السكنية بأكملها، ومحو عائلات بأكملها من سجلات الوجود.. وغير ذلك الكثير من الفظائع التي تُبث مباشرة على شاشات الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي على مدار أكثر من 290 يومًا؛ وعلى الرغم من كل هذا، فإن الحياة تستمر بشكل طبيعي وكأن شيئًا لم يكن، ولم تتوقف عجلة الحياة.
أدرك الفلسطينيون في خضم حرب الإبادة هذه أنهم يقفون وحدهم في مواجهة هذا الكابوس؛ فلم تجدِ نفعًا أشكال التضامن المتعددة من الآخرين: لا مظاهرات الطلاب في الجامعات الأميركية المرموقة، ولا القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والمنظمات العالمية، ولا مساندة الشعوب المتعاطفة، ولا التصريحات الرنانة للمسؤولين، ولا حتى الاعتراف بدولتهم.. فالمعاناة والمأساة التي يتجرعون مرارتها في كل لحظة هي معاناتهم ومأساتهم وحدهم.
دعونا ندخل في صلب الموضوع ونواجه الحقيقة: كيف وصلنا نحن الشعوب العربية إلى هذه الدرجة من اللامبالاة والتبلد؟ وما هي التأثيرات المستقبلية المترتبة على هذا الوضع الكارثي علينا كبشر، وعلى أوطاننا العزيزة؟ وماذا سينتج عن هذا التجاهل الصارخ لما يحدث للفلسطينيين الأبرياء؟
تشير نتائج الدراسات المتخصصة في الإبادة الجماعية إلى وجود تأثيرات كبيرة وطويلة الأمد على التوجهات المعادية للمجتمع والمخاطر المرتبطة بالتعرض المباشر للعنف الإبادي المروع.
إن الأفراد الذين تعرضوا للعنف بشكل مباشر خلال فترة الإبادة الجماعية يظهرون سلوكيات معادية للمجتمع حتى بعد مرور عقود طويلة من الزمن. في المقابل، تكون هذه التأثيرات أقل وضوحًا نسبيًا بين الأفراد الذين لم يتعرضوا بشكل مباشر للعنف الإبادي.
تستمر هذه الدراسات في استعراض التأثيرات المستقبلية المحتملة، فتقول: السلوكيات المعادية للمجتمع، مثل انتهاك القواعد الاجتماعية، والخداع، والسرقة، والتهور، واتخاذ قرارات صريحة لإيذاء الآخرين، وأحيانًا حتى عندما لا تحقق مثل هذه الأفعال أي مكاسب خاصة أو مجتمعية واضحة.
وبالتالي، فإن كون المرء معاديًا للمجتمع يمثل خطوة جوهرية بعيدًا عن مجرد كونه أقل اجتماعية؛ لأن هذه القرارات الضارة بلا شك يمكن أن تؤثر سلبًا على النسيج الأخلاقي للمجتمع، مما يؤدي إلى عدم النضج والقصور في التبادلات الاجتماعية والاقتصادية.
العرب وعقْد من التطبيع مع العنف
على مدار عقد كامل أو يزيد، تم تطبيعنا – نحن الشعوب العربية – مع الإبادة الجماعية وعنف الدولة والمجموعات المتطرفة، ومن ثم كانت الحرب الشرسة على الفلسطينيين بعد عملية "طوفان الأقصى" -للأسف- مجرد حلقة أخرى في سلسلة التطبيع المستمرة هذه. قد يبدو الفاعل مختلفًا هذه المرة، وقد تتباين الشعوب التي تتعرض لهذه الفظائع؛ لكن تظل التأثيرات واحدة والتداعيات مشتركة ومستمرة.
أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن الصراع الدامي في اليمن أودى بحياة ما لا يقل عن 233 ألف شخص خلال نحو 6 سنوات من الاقتتال.
وثّق المرصد السوري الموثوق لحقوق الإنسان، – بعد 10 سنوات من الحرب الطاحنة- مقتل 389 ألف شخص، من بينهم 117 ألف مدني، يشملون 22 ألف طفل بريء، و14 ألف امرأة، و81 ألفًا من الرجال. تعد هذه الحصيلة من القتلى المدنيين هي الأعلى، خاصة إذا ما أضيف لها عشرات الآلاف من المواطنين الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب الوحشي في معتقلات النظام السوري، ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، والمختطفين على يد تنظيم الدولة الإرهابي.
رصدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا خلال الفترة من 3 أبريل/نيسان 2019 إلى 3 أبريل/نيسان 2020، حصيلة الخسائر الفادحة، إذ بلغ ضحايا الحرب والنزاع المسلح في طرابلس من طرفي النزاع والمدنيين 4387 قتيلًا، من بينهم 506 مدنيين أبرياء، و41 عنصرًا طبيًا يعملون على إنقاذ الأرواح، و64 سيدة، و8 أطفال لا ذنب لهم، و12,753 جريحًا من بينهم 800 مدني.
وبلغ إجمالي أعداد النازحين والمهجرين قسرًا، 342 ألف شخص من عديد المدن الليبية المنكوبة، وسُجل نزوح وتهجير 57 ألف أسرة، من بينهم 90 ألف طفل يعيشون ظروفًا قاسية، وبلغ عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية الطارئة 800 ألف شخص في عموم البلاد، ورصد حرمان ما لا يقل عن 200 ألف طفل من حقهم الأساسي في التعليم؛ بسبب استهداف المدارس والمرافق التعليمية، والمخاطر الأمنية المتزايدة على الطلاب.
وصفت لجنة الإنقاذ الدولية الوضع المأساوي الذي يجري في السودان هذه الأيام بـ "السقوط الحر"، وحذّرت من أن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد ستزداد حدة وكارثية ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حازمة وسريعة لمعالجة الوضع الذي مزّقته الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة.
وأشارت اللجنة في تقرير تفصيلي أصدرته إلى أن التقديرات تشير إلى أن ضحايا الحرب في السودان قد تصل إلى 150 ألف شخص، أي أعلى بكثير من التقديرات المعلنة والتي تتحدث عن 15 ألف قتيل.
يواجه السودان بالفعل أزمتين مزدوجتين تتمثلان في أكبر عدد من النازحين داخليًا في العالم، حيث فرّ ما يقرب من 12 مليون شخص من بيوتهم ومنازلهم الآمنة منذ بدء الاشتباكات الدامية، منهم 10 ملايين داخل السودان ومليونان لجأوا إلى بلدان مجاورة. كما أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسّة وعاجلة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه 18 مليون شخص انعدامًا خطيرًا للأمن الغذائي في ظل النقص الحاد في الغذاء والمياه النظيفة والدواء الضروري والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات والمخابز.
في نهاية عام 2023، بقي على المستوى العالمي 68.3 مليون شخص في عداد النازحين داخليًا بسبب الصراعات المسلحة والعنف المستمر. واضطر ما يقدر بنحو 9.1 ملايين شخص للنزوح داخل السودان، وهو بذلك أكبر عدد من النازحين داخليًا أفيد عنه على الإطلاق، تليه سوريا التي تضم 7.2 ملايين نازح، وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي يعاني فيها 6.7 ملايين شخص من التشرد والنزوح.
على الرغم من هذا التطبيع الممنهج والمستمر مع عنف الدولة وعنف الأطراف المتنازعة في الحروب الأهلية المدمرة، والذي سبقته سنوات طويلة من الحرب الأهلية الطاحنة في العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003، وعنف تنظيم الدولة الإرهابي في سوريا والعراق؛ فإن التطبيع مع الإبادة الجارية في فلسطين الآن يحتاج إلى تفسير منطقي ومقنع، وهو ما نحاول جاهدين تقديمه في هذا المقال المتواضع، ولكنني أعتقد جازمًا أنه يحتاج إلى جهود مضنية من قبل العديد من الباحثين المتخصصين في دراسة هذه الظاهرة المقلقة، لأنه يتعلق بإنسانيتنا المشتركة، قبل أن يختص بمستقبل أوطاننا وعلاقتنا بالعالم من حولنا.
تورطت الدعاية المؤيدة للقضية الفلسطينية في نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، تمامًا كما فعلت الدعاية المضادة لهم، فإذا كانت الدعاية المضادة قد نزلت بهم إلى مستوى الحيوانات المستباحة، فقد رفعتهم الدعاية المؤيدة فوق مستوى الإنسانية العادية بالتركيز المفرط على إبراز صمودهم الأسطوري وتمسكهم العنيد بالأرض، أكثر من التركيز على آلامهم وضعفهم البشري الطبيعي.
أولًا: التباعد الاجتماعي
وهو ما يقلل من وطأة المسؤولية الأخلاقية تجاه الآخرين أو يلغيها تمامًا.
يتفشى إدراك خاطئ لدى قطاع كبير من العرب – وإن تعاطفوا معنويًا وماديًا مع القضية الفلسطينية – بأن الضرر المباشر بعيد عنهم، فكل ما يتعرض له الفلسطينيون يظل ضرره المادي المباشر بعيدًا عن غالبية العرب ولا يطالهم، ومن ثم فإن ما يكابدونه من شقاء وعذاب لا يهم غير الفلسطينيين أنفسهم.
تدلنا أدبيات عديدة على كيفية نشأة الفراغ الأخلاقي، حيث تشير إلى أنه كلما زادت المسافة النفسية والمكانية والتأثير بين ما يجري في فلسطين وبين الفرد العربي؛ انتفى الوازع الأخلاقي أو تلاشى تدريجيًا أو قل تأثيره.
هناك علاقة طردية واضحة بين التضامن مع الأشخاص والجماعات وبين القرب الاجتماعي منهم: فمن السهل أن تتعاطف مع شخص تسمعه يتألم، ولكن هذا التضامن يزداد قوة وعمقًا مع شخص تلمسه وتسمعه معًا. لسوء الحظ، سعت الدعاية المؤيدة والمضادة للفلسطينيين إلى خلق مسافات مصطنعة بيننا وبينهم.
الدعاية المضادة مفهومة وواضحة الأهداف، ولكن كيف فعلت الدعاية المؤيدة ذلك؟
لقد جرى ذلك عبر نزع الصفة الإنسانية عنهم بشكل غير مباشر، حين أبرزت صمودهم الأسطوري وتمسكهم بأرضهم المحتلة وبطولاتهم الخارقة وهي كذلك بالفعل، ولكنها في نفس الوقت لم تظهر اختلافاتهم الثقافية ولا ضعفهم البشري، ولا سلوكهم كبشر عاديين.
يميز علماء النفس بين نوعين رئيسيين من عدم الإنسانية: النوع الأول ينكر الصفات الإنسانية الفريدة للآخرين من خلال مقارنتهم بالحيوانات (وهو النوع الذي استخدمه الخطاب الرسمي الإسرائيلي المحرض)، والنوع الثاني ينكر الطبيعة البشرية للآخرين من خلال مقارنتهم بالأشياء الجامدة (المعروف أيضًا بالتشيُّؤ ويطبق عادة على النساء في مجتمعنا)، لكني أشير إلى نوع ثالث أكثر دقة وهو إضفاء صفة القداسة والبطولة المطلقة على قوم أو مجموعة من البشر بما يخرجهم عن طبيعتهم الإنسانية الفطرية.
يظل في النهاية أن اللاإنسانية هي إحدى النتائج الحتمية للتباعد الاجتماعي المقصود. ويؤكد علماء الاجتماع أن نزع الصفة الإنسانية ليس مجرد اعتقاد خاص يتبناه البعض؛ بل هو سبب ونتيجة لرسم حدود المجموعات الاجتماعية وتمييزها عن بعضها البعض، كما يمكن أن تتحول وجهات النظر المتطرفة إلى أمر طبيعي ومقبول عندما يصبح نزع الصفة الإنسانية محورًا أساسيًا للخطاب السياسي. تساعد الدعاية التي تنزع الصفة الإنسانية عن الضحايا في تزويد المشاركين بروايات ثقافية جاهزة تؤطر العنف باعتباره الشيء الصحيح أخلاقيًا، ويمكن أن تساعد آخرين على التغلب على مقاومتهم الأولية لقتل الجيران والأبرياء نتيجة لذلك.
ثانيًا: التكيف المعرفي مع الإبادة
يجري ذلك عن طريق تزويدنا بروايات سياسية مزيفة تهدف إلى تبرير العنف وقبوله، مثل: الادعاء بأن حركة المقاومة تعمل لصالح إيران وبقرار منها، أو أنها حين قامت بعملية طوفان الأقصى لم تستشر الفلسطينيين، أو أنها تتكون من جماعات الإسلام السياسي وفصيل من الإخوان المسلمين الموصومين بالإرهاب، أو أنها غير وطنية، أو على أقل تقدير خرجت عن الإجماع الوطني، أو أنهم يستحقون ما يتعرضون له؛ فعلى نفسها جنت براقش، وأخيرًا وليس آخرًا؛ اعتبار السلطة الفلسطينية شريكة في الإبادة مع الإسرائيليين – كما صرحت السلطة الفلسطينية نفسها.
لا يزال قطاع هام من العقل العربي عالقًا في لحظة السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ففي الوقت الذي يركز فيه الخطاب الغربي المؤيد للكيان الصهيوني على أن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين بدأ مع اقتحام حماس للغلاف والمستوطنات المحيطة بغزة؛ بغية تبرير حق إسرائيل المزعوم في الدفاع عن نفسها؛ نجد أن جزءًا مهمًا من العقل العربي وقع في نفس الفخ، ولكن من زاوية أخرى؛ هو يتساءل عن جدوى هذا الفعل، وعن الأثمان الرهيبة التي دفعت مقابله، وعن تأثيره السلبي على القضية الفلسطينية العادلة… إلخ.
هي أسئلة مشروعة ومهمة في حد ذاتها، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في أنها تتعامل مع حدث انطلقت عرباته بالفعل، ولا يمكن إيقاف تداعياته المدمرة، والملح هو ضرورة التعامل الفوري مع مأساته التي نشهدها يوميًا بأم أعيننا، وتقليل آثاره السلبية وتعظيم إيجابياته المحتملة.
إذا استقال العقل عن الفعل، ولم يلحظ تفاعلات الواقع المتغيرة باستمرار؛ فإنه في هذه الحالة يسأل الأسئلة الخاطئة التي لا طائل من ورائها.
يجري إخفاء الضحايا الأبرياء والتحلل من المسؤولية الواجبة بالدعاية المضللة أو إثارة الجدل السياسي العقيم أو الاستقطاب الحاد أو تحميل المسؤولية للآخرين أو بإثارة الأسئلة الخاطئة في اللحظة التاريخية التي يتعرّض فيها البشر للإبادة الجماعية.
ثالثًا: كتم أنفاس التراحم بالعقلانية
عادة ما يجري التفلت من التضامن الحميمي الصادق بخطاب العقلانية المزعومة: التأكيد على استمرار اتفاقات التطبيع المهينة مع الدول التي وقعت عليها برغم الانتهاك الصارخ والواضح لها من قبل الكيان الصهيوني الغاشم، بل وتوسعتها بزعم تحقيق أهداف الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وبرغم أن شعب الدولة المزعومة يتعرض للإبادة والتهجير القسري وتوسيع المستوطنات غير الشرعية، تتدفق التجارة بين الكيان الصهيوني وبين بعض الدول العربية المطبعة بكل وقاحة؛ فالمصالح المالية والاقتصادية تأتي فوق كل الاعتبارات والقيم واحتياجات البشر. لا حديث عن حق تدفق الإغاثة والمساعدات الإنسانية مقابل التجارة الرابحة، ولكن الأولوية المطلقة للربح والأموال التي تدخل جيوب أصحاب الشركات الكبرى.
شروط الفعل العقلاني الزائف هو تحصينه ضد قيم التضامن والتراحم والتعاون الوثيق والمساندة الحقيقية، إلى غير ذلك من القيم الإنسانية النبيلة التي تحكم الأفعال التراحمية الصادقة.
رابعًا: المواطن العربي المنهك
شعور عميق بالمأساة، ولكنْ هناك أولويات وضغوط أخرى ملحة:
اجتمعت على كاهل الكثير من المواطنين العرب ضغوط هائلة ومتراكمة، فالمجتمع يرزح تحت وطأة سياسات اقتصادية ذات طبيعة نيوليبرالية وحشية تدفع بطبقاته الوسطى والدنيا إلى الانصراف التام إلى توفير الحياة الكريمة -في حدودها الدنيا- لهم ولأسرهم، وتحيط به الصراعات والنزاعات المسلحة في كل مكان -كما أشرت سابقًا-. أما الدول التي لا تزال أنظمتها مستقرة أو تتمتع بوفرة مالية نسبية؛ فهي تعيد صياغة عقودها الاجتماعية بما يغير من طبيعة الدولة وحقيقة أدوارها، وهويتها الوطنية الراسخة.
يجري كل هذا في وقت لا يزال خيال المواطن العربي يتطلع لدولته لتقوم بتوفير بعض مقومات الحياة الأساسية، وهي الدولة العاجزة أو غير الراغبة في القيام بذلك. تتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يفاقم الأعباء الثقيلة على المواطنين العرب بأشكال متعددة ومختلفة، ولكنها أزمات يستدعي بعضها بعضًا، وتتراكم فوق بعضها البعض بحيث إذا أخرج أحدهم يده منها لا يكاد يراها من ثقلها وكثافة تأثيرها الساحق.
يضاف إلى هذا مصادرة إمكانات الفعل الإيجابي من قبل السلطات الحاكمة المستبدة، وشعور عميق بالعجز التام المولِّد للغضب العارم، ولكن كيف سيجري تصريف طاقة الغضب هذه -خاصة لدى الفئات الشابة الواعية- إذا اجتمعت وامتزجت فيها المأساة الخاصة المتعلقة بالمعاناة الذاتية مع تدفق صور الإبادة المروعة للفلسطينيين الأبرياء؟